مفهوم توهم المرض الأسباب الأعراض وطريقة التعامل معه

يمثل توهم المرض Hypochondria أحد الأمراض النفسية الشائعة ويتميز بالانشغال الزائد والمفرط بالصحة البدنية والجسمية وهو نوع من الوسواس المتمركز حول الصحة الجسدية لذلك نراه شديد الالتفات إلى المظاهر الفسيولوجية فهو ينشغل بمراقبة حركاته الداخلية ويتأمل كل شهيق وزفير وكل نبضة قلب وكل إحساس يشعر به بشكل مبالغ فيه وقد يحمل معه مرآة ليرى لون جلده أو وجهه أو لسانه ليسارع الى أقرب عيادة طبية لتشخيص ما يراه وعندما يطمئنه الطبيب على حسن صحته يترك هذا الطبيب وربما يتهمه بالجهل إلى طبيب آخر مما يجعل صاحب التوهم المرضي لقمة سائغة للمؤسسات الصحية والطبية

تعريف توهم المرض

هو اضطراب نفسي المنشأ، عبارة عن اعتقاد راسخ بوجود مرض ، رغم عدم وجود دليل طبي على ذلك ، وهو تركيز الفرد على أعراض جسمية  ليس لها أساس عضوي ، وذلك يؤدي على حصر تفكير الفرد في نفسه ، واهتمامه المرضي الدائم بصحته وجسمه ، بحيث يطغى على كل الاهتمامات الأخرى ، ويعوق اتصاله السوي بالآخرين ، ويشعره بالنقص والشك في نفسه ، كما يعوق اتصاله أيضا بالبيئة المحيطة به ، ويطلق عليه أحيانا ( رد فعل توهم المرض ) Hypochondriacal Reaction

كما يعرف بأنه حالة مرضية تتميز بالمبالغة في القلق بالصحة والنظرة التشاؤمية لكل عرض يصيب نبض أعضاء الجسد أو وظائفه والتي لا تثير ذلك الاهتمام المبالغ فيه لدى الإنسان السوي وتتميز بالاستمرارية رغم عدم وجود الأدلة على ذلك المرض ، فالمريض هنا يتوهم إصابته فعلا بمرض أو أمراض معينة ، أو يتوهم استعداده للإصابة السريعة بمرض أو أمراض معينة.

لهذا فهو دائم التخوف والاحتياط  حتى لا يصاب بالمرض ، وهو منشغل انشغالا زائدا بصحته وخائف عليها ، ومهتم اهتماما مفرطا بها ، وإن أصابته أخف الأمراض وأهونها جزع لذلك أشد الجزع ، وتوهم أنه أصيب بأشد الأمراض فتكا ، وظل في قلق بالغ حتى يشفى ، ولا يكاد يشفى حتى تعاوده مخاوفه من الإصابة بمرض خطير آخر , وغالبا ما يفشل الآخرون بل وربما أطباؤه أيضا  في طمأنته على صحته ، وفي إقناعه بخلوه من المرض ، فهو دائم الشكوى من إصابته المتوهمة بأمراض معينة ، أو من خوفه من الإصابة بها ، والبعض يميل إلى تسمية هذا المرض ب ( وسواس المرض )

مدى حدوث توهم المرض

يحدث توهم المرض بصفة عامة في العقدين الرابع والخامس من العمر، ونادر الحدوث لدى الأطفال ويظهر بكثرة في الشيخوخة وينتشر أكثر لدى الإناث عنه لدى الذكور، كما ينتشر في حالة العجز أو الإعاقة حيث يبالغ المريض في الإصابة الجسمية

أعراض توهم المرض

إن العرض المميز لهذا المرض هو استحواذ فكرة الإصابة بمرض جسدي شديد، وغالبا ما يكون خطيرا على حياة المصاب حيث يفكر المصاب بشكل متكرر بتلك الاحتمالية، ويقوم بتفسير الأعراض الجسدية البسيطة أو الوظائف الجسدية الطبيعية أو الاختلافات الفردية بين الأشخاص بأنها علامات على إصابته بمرض شديد، مما يؤدي به إلى زيارة العيادات والمستشفيات بشكل متكرر بالرغم من أن نتائج الفحوصات التي تؤكد على سلامته لا تقدم له الاطمئنان المستمر، حيث إنه يعاود القلق من جديد بعد مضي مدة زمنية وتتركز الأعراض في الشكوى من أعراض جسمية وآلام متنقلة وصداع  وما يصاحبه من وهن ، وقد تكون هذه الشكاوي مبررا لأعراض نفسية أخرى مثل ضعف التركيز

وفيما يلي أهم أعراض توهم المرض:

• تسلط فكرة المرض على الشخص (وسواس) والشعور العام بعدم الراحة
• تضخيم شدة الإحساس العادي بالتعب والألم والاهتمام المرضي، والإشغال الدائم بالجسم والصحة والعناية الزائدة بها، والمبالغة في الأعراض التافهة وتضخيمها
• الشكوى من اضطرابات جسمية خاصة في المعدة والأمعاء وأي جزء أخر من أجزاء الجسم (فمثلا المراهق الذي يعاني من صراعات جنسية يكون توهم المرض لديه متمركزا حول الأمراض السرية والجنسية)
• الشعور بالنقص، مما يعوق الاتصال الاجتماعي ويؤدي إلى الانعزال أو الانسحاب
• ‏القلق من كون الأعراض البسيطة إشارات على وجود مرض خطير (فمثلا المغص يعتبره قرحة في المعدة)
• التفقد المتكرر للجسد بحثا عن التقرحات أو الأورام
• الفحص المتكرر للعلامات الحيوية كضغط الدم ودرجة الحرارة
• الاعتقاد بالإصابة بمرض ما بعد السماع أو القراءة عنه
• كثرة التردد على أطباء واللجوء المتكرر للفحوصات والاستشارات الطبية
• التغيير المتكرر للأطباء الذين تتم استشارتهم ووصفهم بالجهل
• عدم الرضا بشأن الرعاية الصحية المقدمة
• الضيق النفسي
• توتر العلاقات الاجتماعية
• ظهور الأعراض الاكتئابية والقلق وتكون الأعراض الاكتئابية نتيجة إلى عرض وليست سبباً للتوهم المرضي
• إصرار المريض أن سبب علته طبية عضوية وليست نفسية وبذلك لا يتقبل بسهولة فكرة أن عليه أن يرجع للمعالجة النفسية لدى المختصين في ذلك
• الشعور بعدم التركيز الذهني وضعف الذاكرة نتيجة للوساوس والهواجس التي تنتابه حول صحته
• الأرق وقلة النوم نتيجة للانشغال بتلك الهواجس المتعلقة بصحته

أسباب توهم المرض

الوراثة

كثيرا ما يوجد هذا المرض في بعض عائلات شديدة الاهتمام بالمرض، يشكو أكثر من فرد من أفرادها بنفس المرض وأحيانا ما يوجد تاريخ ذهاني في العائلة

البيئة

تتصف أسرة المريض عادة بالتركيز على الصحة الجسمية، والإكثار من التردد على الأطباء، والخوف من المرض، مما يجعل اهتمام المريض يتركز منذ كان طفلا على جسمه ووظائفه، فإذا ما واجه ضغطا ما في البيئة ظهر المرض

أسباب مرسبة لتوهم المرض

قد يكمن السبب في صراع لاشعوري، أو رفض موقف مزمن، أو تهديد داخلي بظهور ذهان كامن أو الحساسية النفسية عند بعض الناس، حيث تجدهم يتوهمون أنهم مرضى بمرض يكونون قد سمعوا عنه من الأطباء أو المعالجين، وفهموا فهما غير سليم أو أساءوا الفهم، أو يكونون قد قرءوا عنه قراءة غير واعية، وعلى غير أساس علمي في الكتب والمجلات الطبية.

والاضطرابات الانفعالية الطويلة، أو وجود القلق والضعف العصبي، ووجود العدوان المكبوت، ومحاولة مقاومته، أو الفشل في الحياة بصفة خاصة الفشل في الحياة الزوجية، وشعور الفرد بعدم قيمته وعدم كفايته ورفضه. ويكون توهم المرض بمثابة تعبير رمزي عن هذا الشعور، ومحاولة الهرب من مسئوليات الحياة أو السيطرة على المحيط عن طريق كسب المحيطين والمخالطين، أو العدوى النفسية، حيث يكتسب المريض الأعراض من والديه اكتسابا، حيث يوجد توهم المرض لديهما، وحيث يلاحظ اهتمامهما أكثر من اللازم بصحة الأولاد، أو خبرة المعاناة الشديدة من مرض سابق ، ووجود العدوان المكبوت ومحاولة مقاومته ، أو وجود تهديد شخصي لا شعوري ، والخوف من فقدان الحب ، وانهيار الدفاعات النفسية فقد تكون كل هذه العوامل سببا في ظهور هذا المرض

تشخيص توهم المرض

• من النادر أن يظهر توهم المرض كمرض مستقل، ولكن الأغلب أن يظهر كعرض مرافق لاضطراب نفسي آخر (مثل الاكتئاب)، كما في حالات اكتئاب سن القعود مثلا.
• وفي بعض الأحيان يكون توهم المرض مجرد إضافة إلى مرض عضوي، يجعل الأعراض مبالغا فيها
• الانشغال بمخاوف (أو فكرة) من حدوث مرض خطير بناءً على سوء فهمه للأعراض الجسدية
• رغم التقييم الطبي المناسب والمطمئن يستم الانشغال.
• يسبب الانشغال انزعاجاً أو خللاً اجتماعياً أو وظيفياً.
• مدة الاضطراب على الأقل ستة شهور.
• الانشغال لا يعد ضمن أعراض اضطراب القلق العام أو الوسواس القهري أو الهلع أو الاكتئاب الجسيم أو قلق الانفصال أو اضطراب آخر جسدي الشكل

علاج توهم المرض

يكون العلاج أفضل بصفة عامة كلما كانت أسباب المرض محدودة وأعراضه واضحة وكلما زاد تعاون المريض في عملية العلاج 

ومن أهم طرق العلاج:

العلاج الطبي  

يتمثل في استخدام الأدوية النفسية الوهمية، واستخدام الأدوية المهدئة فقد يفيد علاج العقاقير مثل مضادات الاكتئاب والمهدئات في التخفيف من التوتر المصاحب، وأحيانا ما يزيد الاكتئاب المصاحب لدرجة تبرر علاج المريض بالصدمات الكهربائية إلى أنه في كثير من الأحيان ما تزيد الأعراض نتيجة للآلام المصاحبة للصدمات، لذلك فيستحسن تجنب الصدمات الكهربائية

العلاج النفسي

يركز على توعية المريض وشرح العوامل التي أدت على كشف صراعاته الداخلية والتخلص منها ، وشرح العوامل التي أدت إلى المرض والعلاقة بينها وبين الأعراض.

وتوجيه مجال الاهتمام من الذات إلى مجالات أخرى.يفيد هنا العلاج النفسي المختصر ، والعلاج النفسي الجماعي والعلاج السلوكي أو العلاج التدعيمي ، ونادرا العلاج التحليلي العميق

يفيد هنا العلاج النفسي المختصر ، والعلاج النفسي الجماعي والعلاج السلوكي أو العلاج التدعيمي ، ونادرا العلاج التحليلي العميق

العلاج الاجتماعي

دوره هنا أقل، لأن الأسباب الخارجية رغم أهميتها تكون عاملا مرسبا فقط، ونادرا ما تزول الأعراض تماما لأن المشكلة عميقة الجذور داخل النفس ولكن قد نلجأ إلى والعلاج بالعمل والرياضة والترفيه لإخراج المريض من دائرة التركيز إلى ذاته، وتعديل البيئة والمحيط الأسري ومحيط العمل

الإرشاد العلاجي

يشمل إرشاد المريض، وإرشاد الأسرة، خاصة مرافقي المريض، كالزوج مثلا نحو عدم المبالغة في العطف والرعاية وعدم المعاملة بقسوة ومراقبة المريض خشية الانتحار إذا كان توهم المرض مرافقا للاكتئاب.

العلاج الديني

هو أهم أنواع العلاج حيث يستخدم المنهج الإسلامي لتقوية الجانب الروحي وهي أعلى الجوانب التي تؤثر على تغيير المعتقدات والأفكار السلبية.