يعرف مرض جنون البقر (Mad Cow Disease) أيضًا باسم اعتلال الدماغ الإسفنجي البقري، وهو عبارة عن مرض تنكسي يعمل على إصابة الجهاز العصبي المركزي عند الأبقار، ومن ثم يؤدي إلى تغيرات سلوكية لها بسبب تلف الدماغ؛ مما يؤدي في النهاية إلى وفاتها.
فترة حضانة المرض
يتميز المرض بطول فترة الحضانة التي تصل ما بين (2,5 سنة الى 8 سنوات)، وتؤثر عادة على الأبقار البالغة من العمر من 4-5 سنوات، وجميع سلالات البقر معرضة للمرض دون استثناء، يؤدي تجمع بروتين البريون في المخ إلى تدمير أجزاء من المخ حتى يصير مليئا بالفراغات ويصبح كالإسفنج أو الغربال.
التاريخ المرضي لمرض جنون البقر
في عام 1970 سُجلت أول إصابة بمرض جنون البقر ولكن في عام 1993 ظهر المرض بشكل قوي واُعتبر وباء في هذا الوقت حيث تسبب في وفاة 1000 بقرة أسبوعيًا، وسببّ هذا خسارة كبيرة في الثروة الحيوانية، ولكن في عصرنا هذا لم يعد وبائيًا وحُصرت أعداد المرض ليصبح حالة واحدة سنويًا أو قد تنعدم بشكل كامل.
هل مرض جنون البقر يصيب الإنسان؟
نعم، لم يقتصر إصابة المرض على الماشية فقط، بل امتد ليصيب الإنسان، ففي عالم 1996 سجلت أول إصابة للإنسان، وسمي ب داء كروتزفيلد جاكوب المتغير ( Variant Creutzfeldt jakob disease _ vCJD).
الجدير بالذكر أن مرض كروتزفيلد جاكوب المتغير يختلف جملة وتفصيلا عن مرض كروتزفيلد جاكوب الكلاسيكي( CJD) حيث أن البريون المسبب لكل حالة ومصدر الحالة مختلفان تماماً.
أسباب مرض جنون البقر
السبب الرئيسي لمرض جنون البقر هو دخول البريون إلى جسم الماشية، والبريون هو بروتين غير معروف المصدر بشكل واضح حيث يؤدي إلى انقسامات واحتلالات في الجهاز العصبي المركزي للماشية، ولكن رجح الخبراء سبب حدوثه تقديم الأعلاف المصنعة من اللحوم والعظام.
ومن ثم امتنعت العديد من الدول عن استخدام الأعلاف المصنوعة من اللحوم وعظام الحيوانات التي تزيد أعمارها عن 30 شهر اعتقادًا أن البريون يظهر في أجسام تلك الماشية بعد هذا العمر.
أعراض مرض جنون البقر
- تغيرات في سلوك الماشية.
- الرعاش.
- الاستجابات المفرطة للمحفزات.
- الترنح أي عدم التوازن أثناء المشي.
- العدوانية بحيث تصبح الماشية المصابة مصدر خطر للحيوانات الأخرى.
- انخفاض إنتاج الحليب.
- فقدان الوزن.
- الفرك ولعق الجسم بشكل مستمر وهذا العرض نادر الحدوث.
أعراض مرض كروتزفيلد جاكوب المتغير الناتج من الإصابة بمرض جنون البقر على الإنسان
- فقدان الذاكرة.
- تغيرات في الشخصية.
- عدم الاتزان أثناء المشي.
- التلعثم وصعوبة في التحدث.
- يجد الشخص صعوبة شديدة في البلع.
- صعوبة في التفكير.
- ضعف عام للذاكرة.
- اضطراب المشاعر فأحيانًا يصاب المريض بالامبالاة، وأحيانًا يصاب بالإثارة الشديدة وتضخيم الأمور.
- الارتباك.
- اكتئاب.
- ضعف البصر.
- يفقد الشخص قدرته على تنسيق الأحداث وترتيبها.
- اضطرابات النوم، وغالبًا يصبح الأرق هو المسيطر.
كيف ينتقل مرض جنون البقر إلى الإنسان؟
ينتقل المرض عن طريق تناول لحوم الحيوانات المصابة بالمرض، وحتى الطهي باستخدام درجات الحرارة العالية لن يجدي نفعًا، حيث أن البريون يقاوم درجات الحرارة المرتفعة والأشعة الفوق البنفسجية.
مرض جنون البقر في مصر
عاد الحديث مرة أخرى عن مرض جنون البقر في مصر في عام 2021، حيث تعتمد مصر على 40-50 بالمئة من واردتها من اللحوم من دولة البرازيل والتي قد أعلنت عن تسجيل حالتي إصابة بمرض جنون البقر، وأخطرت منظمة الصحة العالمية بذلك، وبناء عليه علقت صادراتها من لحوم الأبقار إلى دولة الصين انطلاقًا من الاتفاقية المبرمة بينهما.
ولكن طمأنت الهيئة العامة للخدمات البيطرية التابعة للسلطات المصرية المواطنين حيث قال أحد المسؤولين أن (اللحوم المستوردة تخضع لفحوصات دقيقة للغاية وإجراءات مشددة) حيث تُفحص اللحوم لمدة 40 يومًا في المحاجر، كما تخضع الحيوانات الحية لفحوصات أيضًا قبل نقلها من دولة لدولة، ووضح أيضًا أن مصر لم تظهر بها حالات منذ حقبة الثمانينات فلا شيء يستدعي القلق.
ولم تكتفِ مصر بذلك بل خاطبت السلطات البرازيلية لمعرفة أعمار الحالتين المصابتين وطبيعة الأعراض، ووضح أيضًا أنه ولحسن الحظ لم تستورد مصر أية لحوم من البرازيل خلال الـ 6 أشهر الماضية نظرًا لأمور تتعلق بالتجار وحركة التجارة وارتفاع الأسعار العالمية. كما أكدت البرازيل نفسها أنه لا خوف على الإنسان أو الحيوانات الأخرى من الإصابة عدا الأبقار.
مرض جنون البقر في السعودية
كما هو الحال في مصر، أعلنت السعودية في عام 2021 منعها استيراد اللحوم البرازيلية نظرًا ل تسجيل حالتين للإصابة بمرض جنون البقر وخوفًا من انتشار المرض، خاصة وقد ذكرت بعض المصادر إصابة أحد الأشخاص السعوديين بمرض جنون البقر، ولكن عادت مستشفى الملك فيصل ونفت الخبر، حيث أن الإصابة التي سجلتها المستشفى كانت ل مرض كروتزفيلد جاكوب الأساسي وهو مرض غير معدِ ويختلف كليا عن مرض جنون البقر، ولكن عاود نجل الشخص المصاب وأكد على إصابة والده بالمرض، ولكن السلطات فضلت التكتم على الأمر لمنع انتشار الذعر بين المواطنين.
علاج مرض جنون البقر
علاج جنون البقر
عند معرفة إصابة الأبقار بالمرض يجب ذبحها على الفور ودفنها وعدم استخدامها لأي أغراض أخرى.
علاج كروتزفيلد جاكوب المتغير الناتج من بريون جنون البقر.
لا يوجد علاج حتى الآن ولكن يوجد بعض الأدوية الداعمة مثل:
- مسكنات الألم.
- مضادات الأكتئاب.
- الأدوية المعالجة للتشنجات.
- المهدئات.
- السوائل الوريدية للحد من الجفاف.
هل مرض جنون البقر من الأمراض التي تسببها البريونات؟
حصل الباحثان السويسريان أدريانو اغوزي ودويتشه فيله على جائزة تقديرا لأبحاثهما بشأن مسببات مرض جنون البقر، حيث توصلا إلى أن هذا المرض الذي يصيب الأعصاب يعود إلى بروتينات معدية لا تجدي معها حتى وسائل التعقيم يطلق عليها اسم (البريونات).
فالأمراض لا تسببها البكتيريا والفيروسات فقط وإنما تمتد لتشمل هذه البروتينات رغم أنها لا تمثل إلا جزيئات هامدة ولا تحتوي على معلومات جينية خاصة.
وكل إنسان يحمل في ذاته تلك البروتينات المسببة لمرض جنون البقر لدى الماشية، ومرض كروتزفيلد جاكوب لدى الإنسان وهي غير مؤذية في الحقيقة، ولكن بإمكانها تغيير شكلها كي تصبح مسببة لهذا المرض من خلال تراكمها كالكتل داخل الخلايا العصبية.
وتتمثل خطورة هذه البريونات في أنها تنتقل من خلية إلى خلية فتدفع البروتينات الأخرى من نفس نوعها الي قبل الشكل الجديد المتحول الذي يسبب المرض، وبهذه الطريقة تنتشر البريونات المسببة وتؤدي إلى تلف خلايا المخ وموتها.
وقد عثر العلماء على البريونات لاول مرة في ثمانينات القرن الماضي، في إطار أبحاث مرض (الشكل الإسفنجي لاعتلال المخ لدى البقر المعروف بجنون البقر، إذ افترض ولأول مرة العالم (ستانلي بروزنير) الذي حصل على جائزة نوبل لاحقاً، أن سبب المرض يعود إلى بروتين.
وفي وقت لاحق أكد العالم السويسري تشارلز فايسمان الذي يعمل في معهد سكريبس للأبحاث في ولاية فلوريدا أن هذه الفرضية صحيحة بشكل تطبيقي.
ومن هذه النظرية تعود فكرة إمكانية إصابة أي إنسان بمرض كروتزفيلد جاكوب، غير أن تحول هذه البروتينات لشكل مرضى لا تحدث الا نادراً وتحتاج الي مسبب خارجي لكي ينشط هذه العدوي.
ويأتي المسبب من لحم ابقار كانت مصابة بالمرض، واكتشف ادريانو اغوزي من جامعة زيورخ أن البروتينات تصل إلى الجهاز العصبي عن طريق الأمعاء والجهاز الليمفاوي.
وتعتبر البريونات أشد مقاومة من الفيروسات والبكتيريا، فهي تبقى عالقة بالأدوات الجراحية والمواد الطبية حتى بعد القيام بالتطهير باستخدام الفورمالدهيد، وقد أكد تشارلز فايسمان علي حتى يقضي لابد من وضعها في درجة حرارة 130 درجة مئوية لمدة عشرين دقيقة.