الهذاء (البارانويا) يصنف علي أنه أحد أخطر الاضطرابات الذهانية الوظيفية التي تصيب الإنسان , ويعرف أحيانا باسم ( رد فعل الهذاء ) وأطلق عليه البعض اسم ( جنون العظمة أو جنون الإضطهاد أو الارتياب ) نسبة إلي مشاعر العظمة والاضطهاد والتهديد والخوف التي يشعر بها المريض كما يشعر دائما بالخطر والملاحقة من الآخرين ، ويكون لديه شكوك غير عقلانية , وهناك عدة درجات من البارانويا فيبدأ الأمر باتخاذ شكل شخصية البارانويا ثم يصل الأمر إلى مرحلة الهذيان ، و يكثر ظهور الهذاء في مرحلة الرشد وخاصة في الأربعينات أكثر من حدوثه في مرحلة الشباب .
تعريف الهذاء
يعرف الهذاء بأنه حالة مرضية ذهانية يميزها الأوهام و الهذيان الواضح أي الهذيانات و المعتقدات الخاطئة التي يعتقدها المريض عن العظمة أو الإضطهاد , ولكن في حالة الهذاء النقي يحتفظ المريض بالتفكير المنطقي ولا يعاني من الهلوسات , أي أن الشخصية رغم وجود المرض تكون متماسكة نسبيا مع احتفاظها عادة بإمكانياتها العقلية دون تدهور ناتج عن استمرار فترة المرض فيظل ذكاء الفرد وذاكرته ومعلوماته دون أن يصيبهم الضعف إلا بنسبة قليلة , إن محور تصرفات المريض تدور حول هذا الهذاء الذي يعتنقه والذي لا يشك في واقعيته وصدقه , ويتخذ المريض من إمكانياته العقلية التي لم تتدهور سندا لتبرير صدق معتقداته الهذائية ويدعو الاخرين لتصديقها .
الفرق بين الهذاء و الهوس
يختلف الهذاء عن الهوس في ان مريض الهذاء تكون أوهامه منظمة ومؤكدة وأفكاره ثابتة ودائمة , أما مريض الهوس فتكون أوهامه عابرة وغير دائمة .
أنواع الهذاء (البارانويا)
هذاء العظمة أو توهم العظمة Delusions of Grandeur
يعتقد فيه المريض أنه شخص عظيم , وأنه أذكي وأقوي البشر , وأن لديه قوة خارقة , أو أنه مرسل بدين جديد لهداية الناس , أو أنه حاكم أو زعيم أو قائد أو بطل أو ملك أو مخترع أو نبي , أو أغني الأغنياء بما يملك من جبال من الذهب , أو لديه القدرة علي قراءة أفكار الناس , أو ان لديه قوي خارقة أو سحرية .
هذاء الاضطهاد أو توهم الاضطهاد Delusions of Persecution
يعتقد فيه المريض أنه شخص مضطهد مظلوم يسئ الناس معاملته , أو أنه ملاحق من قبل هيئة أو منظمة أو شخص معين للاعتداء عليه أو قتله غيرة منه أو رغبة في التخلص من منافسته في العظمة وعلو الشأن , أو أن الاخرين يحاولون إيذائه أو أنهم يكيدون له ويخططون لقتله , وقد يعتقد أن المخابرات تتجسس عليه وأن الشرطة تتبعه , ويملؤه الشك والغيرة والغضب والاستياء والحقد والكراهية لمضطهديه أو أعدائه المزعومين .
هذاء الهلوسة المزمنة
يتصف بوجود اضطراب في المجال النفسي الحسي ويمثل الخلل الأساسي في هذا المرض , وقد تأتي الهلوسات من أي مصدر من الحواس الخمس مثل أن يشم المريض روائح كريهة , أو أن يري مناظر بشعة , أو يسمع صوتا داخليا يهدد أو يعلق أو يؤيد أفعاله وسلوكه بصفة عامة .
الهذاء التخيلي المزمن
يتصف بوجود تخيلات مرضية , وهي ظاهرة تتصل بشكل ما بظاهرة الانشقاق , وان كانت هذه الظاهرة تمثل إشكالا تشخيصيا فهي في موقف وسط بين الهلوسات من ناحية وبين صور الذاكرة والذكريات من ناحية أخري.
الفصام الهذائي
تكون أعراض الفصام الهذائي مختلطة بأعراض الفصام الأخرى , و تتمثل أعراضه في التفكك والبلادة الانفعالية , ومن أشكاله هذاء العظمة , وهذاء الاضطهاد .
الهذاء المنقول (الهذاء الثنائي)
حيث تنتقل الأوهام الهذائية من المريض إلى شخص قريب أو متعلق به مثل الوالد و الولد أو الزوج و الزوجة أو الأخ والأخت , وهي حالة تقمص وينتقل عادة من الشخص المسيطر الى الشخص الأقل سيطرة .
هذاء توهم المرض
توهم المرض يتمثل في اعتقاد المريض أنه مصاب بمرض خطير رغم عدم وجود دليل طبي علي ذلك وإثبات كل التحاليل والفحوصات له عكس ذلك ، ويكون تفكيره محصور في اهتمامه المرضي الدائم بصحته وجسمه.
هذاء سن اليأس
يتصف هذا النوع بالضلالات وتكون معبرة عن الخوف من الوحدة والاحساس باقتراب الترك أو الاهمال أو العجز أو الموت , ويصاحب هذه الضلالات في العادة الشعور بالحزن والاكتئاب .
الهذاء الجنسي
حيث يعتقد المريض أن أحد أفراد الجنس الاخر في مركز غني وشهرة يحبه ويرسل له رسائل سرية ويكتب له خطابات غرامية وقد يظهر في شكل الشك في الحياة الزوجية وقد يظهر في شكل الهوس الجنسي والجنسية المثلية .
هذاء المشاكسة
حيث يصر المريض علي الحقوق والمطالبة بها ويحب المشاكل والشكاوي القانونية والقضايا والعناد والخصام
هذاء الغيرة
يختلف عن الغيرة العادية في أن الغيرة هنا تكون شديدة عميقة متأصلة صعب فهمها ولا أساس لها , أي يغار المريض غيرة جنونية علي من يحب دون مبرر منطقي او واقعي لهذه الغيرة
الهذاء السوداوي
المريض بهذا النوع من الهذاء يعاني من شعور دائم بالذنب والإثم ، حيث يعتقد دائما أن الكوارث والمصائب والحوادث والمشاكل تحدث بسببه وقد يصل المريض بعض الأحيان إلى الانتحار
الهذاء المختلط
يضم عدد من الأشكال السابقة في نفس الوقت
أعراض الهذاء
من أبرز العلامات والاشارات التي تظهر علي مريض الهذاء :
- كثرة الشك في الاخرين
- تضخيم الأمور
- هلاوس سمعية وبصرية
- العدوانية
- عدم تقبل النقد من الاخرين
- الشعور بالاضطهاد
- الأنانية تتضح فى جميع تصرفاته
- مشاعر الحقد والغضب
- يرى نفسه ضحية
- الاعتقاد الدائم بخداع الآخرين له
- حبه المفرط لذاته
- انعدام الثقة
- الحساسية الزائدة
- التمركز حول الذات
- شكوك غير عقلانية
- ترقب حدوث شيء سيء
- السخرية من الاخرين
- توقع الغدر والخيانة من الاخرين
أسباب الهذاء
الوراثة
لها اثر هام في الاستعداد لهذا المرض والعائلة عادة يكون لها تاريخ ايجابي للمرض العقلي حيث يلاحظ وجود اضطرابات عقلية لدى أغلبية أفراد أسر المرضى.
الصراع النفسي
بين رغبات الفرد المكبوتة و الخوف من الفشل في إشباعها لتعارضها مع المعايير الاجتماعية و مع القيم والفشل والاخفاق في معظم مجالات التوافق الاجتماعي والانفعالي مع الشعور بالنقص والاعتماد المفرط علي استخدام آليات الدفاع النفسي .
اضطراب الجو الاسري
من حيث سيادة التسلطية والكف والنقد ونقص كفاية التنشئة الاجتماعية والفشل في تحديد مستوى طموح يتناسب مع القدرات
تهديد أمن الفرد
من خلال المنافسة أو الرفض أو الخزي أو الهزيمة.
اضطراب نمو الشخصية
يتمثل في عدم نضج الشخصية و اضطرابها قبل المرض وغلبة السمات البارانوية والخيالية فيها .
المشكلات الجنسية
حيث سوء التوافق الجنسي ، و العنوسة ، و تأخر الزواج ، و الحرمان الجنسي.
الإدمان
حيث أن إدمان العقاقير المخدرة تزيد الأوهام داخل رأس المدمن وتدفعه إلي سوء تفسير أفعال وأقوال الاخرين وهذه العقاقير مثل الكوكايين والحشيش والكحول وحبوب الهلوسة والـLSD والأمفيتامين
علاج الهذاء
حالات الهذاء لا تحتاج إلي الإيداع في مستشفى الأمراض النفسية لأن المرضي يظلون في إطار المعقول فيما يختص بالاتصال الاجتماعي , فيما عدا إذا كانوا من النوع الخطر العدواني المشاكس أو الجنسي
ومن أهم طرق علاج الهذاء:
العلاج الطبي
الأدوية والعقاقير الطبية المضادة للذهان لازمة لجعل المريض أكثر طواعية خلال العلاج النفسي أي أن العلاج الطبي هنا يفيد في بداية العلاج النفسي ولكن لا يمكن أن يحل محله ومن أهمها ( فينوثيازين , ترايفلوبيرازين , تورازين , كلوربرومازين ).
العلاج بالصدمات الكهربائية
يفيد في أغلب الحالات وخاصة اذا أعطيت مبكرا بالاشتراك مع المهدئات أو بعد اعطائها بكميات كافية .
العلاج النفسي
يهدف إلي تخفيف حدة قلق المريض وتجديد قدرته علي الاتصال علي مستوي واقعي في العلاقات الشخصية والتخلص من أوهامه باستخدام العلاج التدعيمي أو العلاج المكثف والتأهيل النفسي والتربوي والمهني والعلاج بالعمل والعلاج الاجتماعي واعادة التطبيع الاجتماعي.
اترك تعليقاً