التهاب السحايا (الحمي الشوكية) عبارة عن التهاب حاد يصيب الأغشية التي تحيط بالدماغ والحبل الشوكي، والتي تسمى بالسحايا، ويحدث هذا الالتهاب بسبب تعرض الشخص لعدوى بكتيرية أو عدوى فيروسية، وتنتقل معظم أنواع التهاب السحايا عن طريق إفرازات الجهاز التنفسي، وتشبه بداية أعراض هذا المرض بأعراض الأنفلونزا، ولكن تزيد شدتها خلال فترة قصيرة، ومن الممكن أن يصاب أي شخص بهذا المرض، ولكنه شائع بين صغار السن منذ الولادة وحتى مرحلة البلوغ، وأيضًا بين كبار السن.
لالتهاب السحايا عدة مسميات أخرى مثل الحمى الشوكية، الحمى المخية الشوكية، الالتهاب السحائي، ومن الممكن أن يؤثر التهاب السحايا في الدماغ، والحبل الشوكي، و النخاع الشوكي؛ ومن الجدير بالذكر أن نسبة انتشار الالتهاب الجرثومي تغيرت بشكل ملحوظ في السنوات الاخيرة مع حدوث هبوط دراماتيكي في التهاب السحايا الجرثومي الذي ينتج عن المستدمية النزلية وهبوط أقل في التهاب السحايا الذي ينتج عن النايسيرية السحائية، وحدث ذلك عقب استخدام اللقاح بشكل متزايد.
أسباب الإصابة بمرض السحايا
إن السبب الأكثر شيوعًا للإصابة بهذا النوع من الالتهاب هو العدوى الفيروسية يليها بعد ذلك العدوى البكتيرية، ونادرًا ما يكون السبب هو العدوى الفطرية، ومن الممكن أن تكون العدوى البكتيرية مهددة للحياة، لذلك فإن تحديد سبب الإصابة يعتبر أمر هام وضروري جدًا.
التهاب السحايا البكتيري
إن البكتيريا التي تدخل إلى مجرى الدم وتنتقل إلى الدماغ والنخاع الشوكي تؤدي إلى الإصابة بالالتهاب البكتيري الحاد، ولكن من الممكن أن يحدث ذلك أيضًا عندما تقوم البكتيريا بغزو السحايا مباشرةً، ومن الممكن أن يحدث ذلك بسبب الإصابة بعدوى الأذن والجيوب الأنفية، أو حدوث كسر في الجمجمة، أو بعد الخضوع لبعض العمليات الجراحية ولكن ذلك يعتبر شيئًا نادرًا.
ويمكن أن تنتج الإصابة بهذا الالتهاب الحاد عدة سلالات من البكتيريا، أهمها:
العقدية الرئوية (المكورة الرئوية)
إن هذه البكتيريا تعتبر هي السبب الأكثر شيوعًا للإصابة بالتهاب السحايا البكتيري لدى الأطفال الرضع والأطفال الصغار والبالغين، وتتسبب في حدوث الالتهاب الرئوي، أو التهاب الأذن والجيوب الأنفية؛ ويمكن أن يساعد أخذ الشخص للقاح على منع الإصابة بهذه العدوى.
النيسرية السحائية
إن النيسيرية السحائية تعتبر هي السبب الآخر الذي يتسبب في الإصابة بالالتهاب البكتيري، وعادةً تتسبب هذه البكتيريا في حدوث عدوى الجهاز التنفسي العلوي، ولكن من الممكن أن ينتج عنها الإصابة بالتهاب السحايا بالمكورات السحائية عندما تدخل إلى مجرى الدم، وتعتبر معدية بشكل كبير وتؤثر على المراهقين، والشباب بشكل أساسي؛ ومن الممكن أن ينتج عن هذه البكتيريا انتشار الأوبئة المحلية في الكليات، والمدارس الداخلية والقواعد العسكرية، ولكن يمكن أن يساعد اللقاح على منع العدوى.
المستدمية النزلية
إن بكتيريا المستدمية النزلية من النوع ب، تعتبر سببًا من الأسباب الرئيسية للإصابة بالتهاب السحايا البكتيري لدى الأطفال، ولكن ساعدت اللقاحات الجديدة للمستدمية النزلية النوع ب على تقليل عدد من حالات هذا النوع من الالتهاب بصورة كبيرة.
اللستيريا المولدة للخلايا الوحيدة
إن هذه البكتيريا يمكن أن توجد في الجبن الغير مبستر، والنقانق (الهوت دوج)، ولحم اللانشون، وتعتبر النساء الحوامل، وحديثي الولادة، وكبار السن، والأشخاص المصابين بضعف الجهاز المناعي هم الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بها؛ ومن الممكن أن تعبر بكتيريا اللستيريا الحاجز المشيمي، وقد تؤدي إصابة المرأة الحامل بهذه العدوى في أواخر فترة الحمل إلى وفاة الطفل.
التهاب السحايا الفيروسي
عادة ما يكون التهاب السحايا الفيروسي بسيط، وغالباً ما يختفي من تلقاء نفسه. وتنتج معظم الحالات عن مجموعة من الفيروسات المعروفة باسم الفيروسات المعوية، والتي تكون أكثر شيوعاً في أواخر فصل الصيف وأوائل الخريف. ويمكن أن تُسبب أيضاً الفيروسات الأخرى، مثل فيروس الهربس البسيط، وفيروس العوز المناعي البشري، والنكاف، وفيروس غرب النيل، وغيرها الإصابة بالالتهاب.
التهاب السحايا المزمن
إن الكائنات الحية بطيئة النمو مثل الفطريات، والمتفطرة السلية التي تقوم بغزو الأغشية والسائل المحيط بالدماغ من الممكن أن تؤدي إلى الإصابة بالتهاب السحايا المزمن، وهذه الحالة تتطور في خلال أسبوعين أو أكثر، وتشبه أعراض التهاب السحايا المزمن أعراض التهاب السحايا الحاد مثل الصداع والحمى والقيء.
التهاب السحايا الفطري
إن التهاب السحايا الفطري يعتبر من الحالات الغير شائعة نسبيًا ولا يعتبر معديًا، وينتج عنها الإصابة بالتهاب السحايا المزمن، ومن الممكن أن تحاكي التهاب السحايا البكتيري الحاد؛ ويعتبر الشكل الشائع من هذا المرض هو التهاب السحايا بالمستخفية، والذي يؤثر على الأشخاص المصابين بنقص المناعة، مثل الإيدز، وتعتبر هذه الحالة مهددة للحياة إذا لم يتم علاجها بواسطة الدواء المضاد للفطريات.
أسباب التهاب السحايا الأخرى
من الممكن أن ينتج أيضًا من أسباب غير معدية، مثل حساسية الأدوية والتفاعلات الكيميائية وبعض أنواع السرطان والأمراض الالتهابية مثل داء الساركويد.
كيفية انتقال الالتهاب السحائي
الالتهاب البكتيري
يعتبر شيئًا نادر أن ينتقل هذا النوع من التهاب السحايا عن طريق الأشخاص المصابين به، ولكنه ينتقل غالبًا من الأشخاص الحاملين للبكتيريا في الحلق أو الأنف.
الالتهاب الفطري
في هذا النوع من التهاب السحايا يصاب الشخص بالعدوى من البيئة والجو، ولا تنتقل بين الأشخاص.
الالتهاب الطفيلي
في هذا النوع من التهاب السحايا يتم اكتساب العدوى من مصادرها في البيئة كالقوارض.
وعامةً تنتقل أغلب أنواع التهاب السحايا من شخص لآخر عن طريق إفرازات الجهاز التنفسي بعدة طرق تتمثل في:
- العطاس.
- السعال.
- التقبيل.
- استخدام نفس الأكواب وفرش الأسنان والسجائر.
عوامل الخطورة
- عدم أخذ الشخص للقاح ضد المرض.
- ضعف مناعة الجسم.
- السن حيث أن معظم حالات التهاب السحايا الفيروسي تصيب الأطفال الأقل من ٥ سنوات، والتهاب السحايا البكتيري تكون الإصابة به شائعة في عمر ٢٠ سنة وأقل.
- الحمل.
- مخالطة المصابين بالأنواع المعدية من هذا المرض.
- العيش أو التواجد في تجمعات كبيرة، حيث أن معدل انتشار العدوى يزيد في الزحام.
- السفر إلى مناطق موبوءة بالمرض.
أعراض التهاب السحايا
إن أعراض التهاب السحايا في البداية تكون شبيهة لأعراض الأنفلونزا، ولكن تزداد حدتها خلال وقت قصير كعدة ساعات أو أيام.
وتتمثل الأعراض التي يصاب بها مرضى التهاب السحايا الذين يتجاوز عمرهم السنتين في:
- ارتفاع مفاجئ في درجة حرارة الجسم.
- تصلب الرقبة.
- صداع حاد.
- غثيان وقيء.
- فقدان الشهية.
- ظهور طفح جلدي.
- الحساسية للضوء.
- الشعور بالإعياء.
- صعوبة الاستيقاظ من النوم.
- صعوبة في التركيز.
- تشنجات.
ولكن بالنسبة للأعراض التي من الممكن أن تظهر على المرضى الذين يقل عمرهم عن سنتين، فهي تتمثل في:
- ارتفاع درجة حرارة الجسم.
- الخمول.
- رفض الرضاعة.
- تصلب جسد ورقبة الطفل.
- انتفاخ في المنطقة اللينة الموجودة على قمة رأس الطفل والتي تسمى(اليافوخ).
- البكاء بنبرة غير طبيعية.
- التهيج الشديد.
- تشنجات.
- ظهور طفح جلدي.
استشارة الطبيب
إن الشخص يجب أن يبحث عن العناية الطبية الطارئة إذا كان يعاني من أعراض هذا المرض، حيث أن التهاب السحايا البكتيري يعتبر مرض خطير، ومن الممكن أن يؤدي إلى الوفاة في خلال أيام إذا لم يتم العلاج بشكل فوري بالمضاد الحيوي، حيث أن تأخير العلاج يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بتلف الدماغ مدى الحياة، أو الوفاة.
وفي حالة أن الشخص ليس مصابًا بالمرض ولكن هناك أحد أفراد عائلته أو شخصًا ما يعمل معه مصاب به، فيجب أن يتحدث إلى الطبيب لأنه من الممكن أن يحتاج إلى تناول بعض الأدوية التي تعمل على منع الإصابة بالعدوى.
تشخيص التهاب السحايا
إن الطبيب يمكنه أن يقوم بتشخيص هذا المرض اعتمادًا على التاريخ الطبي، والفحص الجسدي، وإجراء بعض الفحوصات التشخيصية للمريض، ومن الممكن أن يتحقق الطبيب أثناء الفحص الجسدي من علامات العدوى حول الرأس، والأذنين، والحلق، والجلد على طول العمود الفقري، ومن الفحوصات التشخيصية التي يخضع لها المريض:
التصوير
إن إجراء الأشعة المقطعية أو أشعة الرنين المغناطيسي على الرأس من الممكن أن يساعد في إظهار التورم أو الالتهاب، ومن الممكن أيضًا أن يتم الاستعانة بالأشعة السينية، أو الأشعة المقطعية على الصدر، أو الجيوب الأنفية لإظهار وجود العدوى في المناطق الأخرى، والتي يمكن أن ترتبط بالتهاب السحايا.
مزرعة الدم
في هذا الإجراء يتم وضع عينات الدم في طبق خاص حتى يتم اكتشاف إذا كان هناك كائنات دقيقة تنمو به، خاصةً البكتيريا، ومن الممكن أيضًا أن يتم وضع العينة على شريحة، ويتم تلطيخها بواسطة صبغة غرام، ثم بعد ذلك يتم فحصها تحت المجهر للتحقق من وجود البكتيريا.
الصنبور الشوكي (البزل القطني)
إن المريض يحتاج إلى إجراء الصنبور الشوكي الذي يسمى أيضًا بالبزل القطني لجمع السائل الدماغي الشوكي، حتى يتم التشخيص المحدد النهائي لالتهاب السحايا، وغالبًا يظهر مستوى منخفض من السكر أو الجلوكوز بالإضافة إلى زيادة عدد خلايا الدم البيضاء، وزيادة البروتين في السائل الدماغي الشوكي للأشخاص المصابين بالتهاب السحايا، ومن الممكن أن يساعد تحليل السائل الدماغي الشوكي في تحديد البكتيريا التي تسببت في الإصابة بالتهاب السحايا.
مضاعفات التهاب السحايا
إذا لم تتم معالجته سريعًا وبصورة فورية فمن الممكن أن ينتج عنه حدوث تسمم خطير في الدم مما يؤدي إلى ضرر دائم للمخ والأعصاب، ومن أكثر المضاعفات الشائعة لالتهاب السحايا:
- فقدان السمع.
- ضعف في التركيز.
- ضعف الذاكرة.
- صعوبة في المشي والتوازن.
- مشاكل في الكلي.
- نوبات صرع.
- الوفاة.
علاج التهاب السحايا
إن علاج التهاب السحايا يتطلب معرفة نوعه حيث أن العلاج يختلف باختلاف سبب الإصابة ونوع الالتهاب، وتتمثل طرق العلاج في:
علاج الالتهاب الفيروسي
إن التهاب السحايا الفيروسي لا يمكن علاجه باستخدام المضادات الحيوية، ولكن يتم الشفاء منه في أغلب الحالات بدون تدخلات طبية عن طريق عدة أمور تتمثل في:
- الراحة.
- استخدام مسكنات الألم.
- شرب السوائل.
- من الممكن أن يصف الطبيب مضادات الالتهاب الستيرويدية لتخفيف تورم أغشية الدماغ، وأيضًا مضادات الصرع للتحكم بالتشنجات.
علاج الالتهاب البكتيري
إن علاج التهاب السحايا البكتيري من الممكن أن يتم عن طريق استخدام المضادات الحيوية التي يتم أخذها عن طريق الوريد ومضادات الالتهاب الستيرويدية، ولكن تختلف الأدوية باختلاف البكتيريا المسببة للمرض.
علاج أنواع السحايا الأخرى
إن التهاب السحايا الفطري يتم علاجه عن طريق استخدام الأدوية المضادة للفطريات؛ أما بالنسبة لالتهاب السحايا غير المعدي الذي ينتج كرد فعل تحسسي أو أمراض المناعة الذاتية فيتم علاجه عن طريق استخدام الكورتيكوستيرويدات.
أما في الحالات التي يكون فيها السبب غير واضح، فمن الممكن أن يبدأ الطبيب العلاج باستخدام مضادات الفيروسات والمضادات الحيوية؛ وفي بعض من الممكن ألا يكون هناك حاجة للعلاج لأن الشفاء يتم بصورة ذاتية.
الوقاية من الالتهاب السحائي
- أخذ اللقاح لأنواع التهاب السحايا البكتيري.
- تغطية الفم والأنف عند العطاس.
- المحافظة على النظافة الشخصية العامة وغسل اليدين جيدًا باستمرار.
- تقوية مناعة الجسم عن طريق اتباع السلوكيات الصحية كاتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة.
- الحرص على إعطاء العلاج الوقائي للقادمين من مناطق موبوءة وأيضًا للأشخاص المخالطين للمصابين.
تطعيمات التهاب السحايا
إن بعض أشكال السحايا البكتيري يمكن الوقاية منها عن طريق استخدام بعض اللقاحات، هي:
- لقاح المكورات السحائية.
- لقاح المستدمية النزلية من النوع ب.
- لقاح المكورات الرئوية (PCV13).
- لقاح المكورة الرئوية المتعدد السكاريد (PPSV23).
الاستعداد لموعد الطبيب
إن هذا الالتهاب من الممكن أن يكون مرضًا مهددًا للحياة ولكن يعتمد ذلك على السبب، فيجب أن يذهب المريض إلى غرفة الطوارئ، ويخبر المختصين بأنه مصاب بالتهاب السحايا إذا تعرض للإصابة بالتهاب السحايا البكتيري ويعاني من الأعراض؛ ولكن إذا كان الشخص غير متأكد من أنه يعاني من هذه الحالة، فيجب أن يذهب للطبيب وهناك معلومات تساعد الشخص في الاستعداد لموعد الطبيب مثل:
- يجب أن يعرف المريض أي قيود يجب أن يلتزم بها قبل أو بعد الموعد، مثل تقييد نظامه الغذائي.
- يجب أن يقوم المريض بكتابة الأعراض التي يعاني منها، والتي تتضمن تغيرات المزاج، التفكير، أو السلوك.
- يجب أن يقوم المريض بملاحظة وقت إصابته بالأعراض، ومدى التشابه بينها وبين أعراض الانفلونزا أو الزكام.
- يجب أن يقوم المريض بكتابة المعلومات الشخصية الرئيسية، بما في ذلك أي حركات جديدة، تطعيمات، أو تفاعلات مع الحيوانات.
- من المهم أن يقوم المريض بكتابة الأسئلة التي من الممكن أن يريد أن يسألها للطبيب، وتتضمن هذه الأسئلة:
- ما هي الفحوصات التي أحتاج إلى إجرائها؟
- ما هو العلاج الفعال لحالتي؟
- هل توجد بدائل طبيعية لهذا العلاج؟
- هل هناك احتمالية أن أتعرض لخطر الإصابة بالمضاعفات على المدى الطويل؟
- هل تعتبر حالتي غير قابلة للعلاج بواسطة المضادات الحيوية؟
- هل يمكن أن تنتقل العدوى من خلالي لمن حولي؟
- هل أحتاج إلى الانعزال؟
- ما هو الخطر المحتمل على عائلتي؟
- هل يجب أن يتناولون الدواء الوقائي؟
وهناك أيضًا أسئلة من المحتمل أن يسألها الطبيب للمريض، أهمها:
- متى بدأت تعاني من الأعراض؟
- ما مدى شدة هذه الأعراض؟
- هل تشعر أنها تزداد سوءًا؟
- هل هناك أي شيء شعرت أنه ساعدت في تحسين أعراضك؟
- هل تعرضت لأي شخص مصاب بالتهاب السحايا؟
- هل يعاني أي فرد من أفراد أسرتك من أعراض مشابهة؟
- ما هو تاريخ التطعيمات الخاص بك؟
- هل تتناول أي أدوية مثبطة للمناعة؟
- هل تعاني من مشاكل صحية أخرى؟
- هل تعاني من الحساسية تجاه أي أدوية؟
اترك تعليقاً